ترمب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية مطلع أغسطس، ومفاوضات مع دول عدة لا تزال مبهمة. ما هي الاتفاقيات المبرمة؟ وما الجوانب العالقة؟
مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب لرفع الرسوم الجمركية في الأول من أغسطس، تتجه الأنظار نحو مصير الاتفاقيات التجارية التي تم التوصل إليها مؤخرًا. ففي حين شهدت الفترة الماضية إبرام عدد من الصفقات، أو على الأقل وضع أطر عمل لها، لا تزال المفاوضات التجارية مع العديد من الدول تشوبها حالة من عدم اليقين.
<>
في أبريل، كشف ترمب عن فرض ضرائب استيراد واسعة النطاق على السلع المتجهة إلى الولايات المتحدة من معظم دول العالم. وشمل ذلك زيادة ما يسمى بالمعدلات المتبادلة لبعض الدول، والتي تم تأجيل معظمها مرتين منذ ذلك الحين.
في محاولة لتهدئة الأسواق العالمية وتسهيل المفاوضات، تم منح فترة توقف أولية لمدة 90 يومًا، حيث وضعت الإدارة هدفًا طموحًا يتمثل في إبرام 90 صفقة تجارية خلال هذه الفترة.
ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر، لم يتم إنجاز سوى صفقتين مع كل من المملكة المتحدة وفيتنام، بالإضافة إلى التوصل إلى “إطار عمل” منفصل لاتفاق مع الصين. وبحلول شهر يوليو، بدأت تظهر تحذيرات من فرض رسوم جمركية أعلى على عشرات الدول في الأول من أغسطس.
منذ ذلك الحين، أعلنت الولايات المتحدة عن أطر تجارية مع الاتحاد الأوروبي واليابان والفلبين وإندونيسيا. ومع ذلك، لا تزال التفاصيل الرئيسية غير متوفرة أو لم يتم توثيقها كتابيًا على الفور.
الاتحاد الأوروبي:
أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن إطار عمل تجاري يفرض رسومًا جمركية بنسبة 15 في المائة على معظم السلع الأوروبية، مما جنّب الطرفين تهديدًا بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الأول من أغسطس.
لكن بعض التفاصيل الرئيسية لا تزال قيد الدراسة. وينص الاتفاق، الذي تم الكشف عنه في 27 يوليو، على أن معدل الرسوم الجمركية البالغ 15 في المائة سيطبق على 70 في المائة من السلع الأوروبية التي يتم استيرادها إلى الولايات المتحدة، مع تأكيد الاتحاد الأوروبي لاحقًا أن هذا المعدل يشمل الأدوية وأشباه الموصلات والسيارات وقطع غيار السيارات.
في المقابل، لا تزال نسبة الـ 30 في المائة المتبقية من تلك الواردات خاضعة للمفاوضات.
أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى أن الجانبين اتفقا على إلغاء التعريفات الجمركية على مجموعة من السلع “الاستراتيجية”.
في غضون ذلك، أشار ترمب إلى زيادة الاستثمارات من الشركات الأوروبية في الولايات المتحدة، بما في ذلك استثمارات في الغاز الطبيعي والنفط والوقود النووي على مدى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى التزام سياسي غير ملزم قانونًا.
اليابان:
في 22 يوليو، أعلن ترمب عن إطار عمل تجاري لفرض تعريفات جمركية بنسبة 15 في المائة على اليابان، بانخفاض عن النسبة التي هدد بها سابقًا والبالغة 25 في المائة. وأضاف أن اليابان ستستثمر في الولايات المتحدة وستفتح اقتصادها أمام السيارات والأرز الأميركي.
ينطبق معدل التعريفة الجمركية المتفق عليه حديثًا بنسبة 15 في المائة أيضًا على السيارات اليابانية، مما يمثل ارتياحًا لشركات صناعة السيارات التي واجهت ضريبة بنسبة 25 في المائة على الأجزاء الرئيسية والمركبات الجاهزة التي تدخل الولايات المتحدة منذ وقت سابق من هذا العام.
لكن شركات السيارات في دول أخرى، تخشى أن يضعها هذا في وضع غير مؤات.
الفلبين:
بعد وقت قصير من اجتماعه في 22 يوليو مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن، أعلن ترمب أنه سيخفض تعريفاته الجمركية على الواردات من البلاد إلى 19 في المائة، بانخفاض 1 في المائة فقط عن تهديده السابق بنسبة 20 في المائة.
في المقابل، قال ترمب إن الولايات المتحدة لن تدفع تعريفات جمركية على السلع الأميركية التي تشحنها إلى الفلبين. لكن التفاصيل الإضافية لا تزال غير واضحة.
قال ماركوس الابن إن بلاده تدرس خيارات مثل وجود سوق مفتوحة دون تعريفات جمركية للسيارات الأميركية، لكنه أكد أن التفاصيل لا تزال بحاجة إلى عمل.
إندونيسيا:
في 15 يوليو، أعلن ترمب مجددًا موافقته على خفض الرسوم الجمركية المخطط لها على السلع الإندونيسية إلى 19 في المائة، انخفاضًا من نسبة 32 في المائة التي كان قد هدد بفرضها سابقًا، بينما لن تواجه السلع الأميركية المرسلة إلى دولة جنوب شرقي آسيا أي رسوم جمركية.
أكد تقرير صادر عن البيت الأبيض لاحقًا أن “أكثر من 99 في المائة من المنتجات الأميركية المصدرة إلى إندونيسيا سترسل معفاة من الرسوم الجمركية”.
صرح الرئيس الإندونيسي بأن بلاده ستواصل التفاوض مع ترمب، على أمل خفض الرسوم الجمركية الأميركية المقبلة بشكل أكبر.
فيتنام:
في 2 يوليو، أعلن ترمب عن اتفاقية تجارية مع فيتنام، قال إنها ستسمح للسلع الأميركية بدخول البلاد معفاة من الرسوم الجمركية. في المقابل، ستواجه الصادرات الفيتنامية إلى الولايات المتحدة ضريبة بنسبة 20 في المائة.
وهذا أقل من نصف النسبة “المتبادلة” التي اقترحها ترمب للسلع الفيتنامية في أبريل.
لكن بالإضافة إلى معدل الرسوم الجمركية الجديد البالغ 20 في المائة، صرح ترمب بأن الولايات المتحدة ستفرض ضريبة بنسبة 40 في المائة على “الشحن العابر”، مستهدفةً البضائع المقبلة من دولة أخرى والتي تتوقف في فيتنام في طريقها إلى الولايات المتحدة.
تتهم واشنطن البضائع الصينية بالتهرب من الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة من خلال عبورها فيتنام.
المملكة المتحدة:
في 8 مايو، وافق ترمب على خفض الرسوم الجمركية على السيارات البريطانية والصلب والألمنيوم، من بين تعهدات تجارية أخرى، بينما وعدت المملكة المتحدة بخفض الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية.
أُعلن عن الصفقة بتصريحاتٍ مُبالغ فيها، لكن بعض التفاصيل الرئيسية ظلت مجهولة لأسابيع.
على سبيل المثال، عندما أُعلن عن الصفقة، أشارت الحكومة البريطانية بشكلٍ ملحوظ إلى أن الولايات المتحدة وافقت على إعفاء المملكة المتحدة من رسومها الجمركية الشاملة آنذاك بنسبة 25 في المائة على الصلب والألمنيوم الأجنبيين، وهو ما كان سيسمح فعلياً بدخول المعدنين من بريطانيا إلى الولايات المتحدة معفاةً من الرسوم الجمركية.
لكن توقيت سريان هذه التخفيضات فعلياً ظلّ مُعلّقاً لما يقرب من شهر. ولم تُقرّ الولايات المتحدة بأن الوقت قد حان لتطبيق الاتفاقية إلا في أوائل يونيو، عندما رفع ترمب رسومه الجمركية على الصلب والألمنيوم إلى 50 في المائة، وهي رسومٌ عقابيةٌ عالمية.
وحتى ذلك الحين، لم تصل الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم البريطاني إلى الصفر.
كانت المملكة المتحدة الدولة الوحيدة التي نجت من رسوم ترمب الجديدة بنسبة 50 في المائة، لكنها لا تزال تواجه ضرائب استيراد بنسبة 25 في المائة على المعادن.
الصين:
في ذروتها، بلغت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترمب على السلع الصينية 145 في المائة، بينما بلغت الرسوم الجمركية المضادة التي فرضتها الصين على المنتجات الأميركية 125 في المائة. ولكن في 12 مايو، اتفقت الدولتان على هدنة مدتها 90 يوماً لخفض تلك الرسوم إلى 30 و10 في المائة على التوالي. وفي يونيو، بدأت تتوالى التفاصيل حول اتفاقية تجارية مبدئية.
صرح وزير الخزانة الأميركي بأن الصين وافقت على تسهيل حصول الشركات الأميركية على المغناطيسات الصينية والمعادن الأرضية النادرة الضرورية للتصنيع وإنتاج الرقائق الدقيقة. في غضون ذلك، قالت وزارة التجارة الصينية إن الولايات المتحدة “سترفع سلسلة من الإجراءات التقييدية التي فرضتها على الصين”.
لا تزال التفاصيل الرئيسية الأخرى للاتفاقية غامضة، بما في ذلك توقيت تنفيذ هذه الشروط.
في 29 يوليو، قال كبير مسؤولي التجارة في الصين إن الجانبين اتفقا على العمل على تمديد الموعد النهائي المحدد في 12 أغسطس لفرض رسوم جمركية جديدة على بعضهما بعضاً، عقب اجتماع تجاري استمر يومين في استوكهولم. وصرح الجانب الأميركي بأنه تمت مناقشة خطط التمديد، ولكن لم يتم اتخاذ قرار بشأنها بعد. هذا الخبر تم نقله لكم من قبل فريق “خبر عاجل”.