خبر عاجل: استغلال العمالة المنزلية يهدد الأسر بهجمات سيبرانية وابتزاز
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، يبرز تحدٍ جديد يهدد خصوصية الأسر، ألا وهو اختراق الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالعمالة المساعدة داخل المنازل، وهو ما قد يعرض الأسر للابتزاز واستغلال المعلومات الشخصية. خبراء ومختصون يدقون ناقوس الخطر، ويؤكدون على أهمية توعية العمالة بالمخاطر المحتملة للاستخدام غير الآمن للأجهزة الذكية.
الأمن السيبراني العائلي: مسؤولية مشتركة
أكد مختصون أن اختراق الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالعمالة المساعدة داخل المنازل يهدد خصوصية الأسر، ويعرضها للابتزاز بعد الحصول على معلومات دقيقة أو صور خاصة، مشيرين إلى ضرورة توعية العمالة بمخاطر الاستخدام غير الآمن لأجهزتهم، والتصوير داخل المنزل، أو عمل بث مباشر منه، خصوصاً إذا كان ذلك باستخدام أغراض تعود لأفراد الأسرة كالملابس وغيرها، إضافة إلى تحذيرهم من تحميل أي تطبيقات مشبوهة، أو الضغط على روابط مجهولة.
أوضح أرباب أسر أنهم عملوا على توعية العمالة المنزلية بما هو مسموح به وما هو ممنوع، خلال استخدامهم للإنترنت والأجهزة الذكية داخل المنازل، لتفادي أي مخاطر محتملة.
بدورها، أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أنه مع تزايد استخدامات التطبيقات الذكية والدخول إلى منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من الاستخدامات اليومية للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، أصبح “الأمن السيبراني العائلي” مطلباً مهماً، ومسؤولية جماعية تشمل الأسرة، بمن فيهم عمالة المهن المنزلية، بهدف حماية البيئة المنزلية الذكية والرقمية من أي اختراق.
تجارب وقصص واقعية
مروة حسين (أم عاملة) قالت: “مع ازدياد اعتمادنا على الأجهزة الذكية في حياتنا اليومية، أدركت أهمية توعية العاملة المساعدة لدينا بمخاطر الإنترنت، وكيفية الاستخدام الآمن للأجهزة، خصوصاً أن أطفالنا يقضون وقتاً كبيراً على الإنترنت، وقمت بتحديد صلاحيات الأجهزة، وشرحت للعاملة أهمية عدم مشاركة شبكة الـ (واي فاي) أو الصور أو تفاصيل العائلة”، موضحة أن الأمن السيبراني لم يعد رفاهية، بل ضرورة لحماية الخصوصية وسلامة أبنائنا.
لينا معروف (أم لثلاثة أبناء) قالت: “بصفتي أماً عاملة، أعتمد كثيراً على العاملة المساعدة في رعاية أبنائي، وكان لابد من أن أضمن معرفتها بمبادئ الأمن الرقمي. فقمنا بتنظيم جلسة توعية لها حول خصوصية البيانات وسلامة الأطفال على الإنترنت، ووضعنا سياسة واضحة لاستخدام الأجهزة”، مشيرة إلى أن هذا النوع من الوعي ينعكس إيجاباً على الأمان الأسري، ويقلل من أي تهديدات رقمية محتملة.
هالة مصطفى قالت: “أنا أم لثلاثة أبناء في مرحلة المراهقة، وطالما سمعنا عن حوادث اختراق أو تصوير بدون علم الأهل، وهذا الأمر جعلني أكثر حزماً بشأن الأجهزة الموجودة داخل البيت. وعليه شرحت للعاملة المساعدة ما المسموح به وما الممنوع، خصوصاً في ما يتعلق بتصوير الأطفال أو التفاعل مع أجهزة، مثل الكاميرات الذكية. فمن حق العاملة أن تفهم المخاطر، ومن حقنا حماية بيتنا”.
وزارة الموارد البشرية والتوطين: الأمن السيبراني العائلي ضرورة
قال وكيل وزارة الموارد البشرية والتوطين المساعد لقطاع الخدمات المساندة، محمد صقر النعيمي، إنه مع تزايد استخدامات التطبيقات الذكية والدخول إلى منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من الاستخدامات اليومية للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية من قبل الأفراد، أصبح ما يمكن وصفه بـ”الأمن السيبراني العائلي” مطلباً مهماً، ومسؤولية جماعية تشمل جميع أفراد الأسرة بمن فيهم العمالة المساعدة في المهن المنزلية، ومن يتعاملون بشكل يومي مع شبكات الـ(واي فاي) المنزلية، وذلك بهدف حماية البيئة المنزلية الذكية والرقمية من أي اختراق قد يتسبب في عواقب وخيمة على الأسرة.
وأضاف النعيمي، في مقال بالعدد الصادر أخيراً من مجلة سوق العمل، أن التعامل الخطأ مع الأجهزة الذكية وتطبيقات الإنترنت من قِبل أي من أفراد الأسرة، مثل الضغط على روابط مشبوهة أو تحميل تطبيقات غير موثوقة، أو مشاركة كلمات المرور مع أطراف خارجية، فهذه التصرفات (وإن بدت بسيطة) تؤدي للعديد من المخاطر، منها فتح الباب أمام هجمات إلكترونية تستهدف بيانات الأسرة، أو تؤدي إلى تعطيل أنظمة المنزل الذكية، وإمكانية دخول المحتالين إلى الشبكة المنزلية، والتحكم في كاميرات المراقبة، وحتى كاميرات الألعاب الذكية وغيرها، ما يُعرّض خصوصية الأسرة للخطر وعمليات الابتزاز.
وتابع: “من هنا لابد أن تتبنى الأسر نهجاً استباقياً في توعية العمالة المساعدة بأساسيات السلوك الرقمي الآمن، من خلال تقديم تدريب مبسط للعمالة المساعدة حول كيفية التعرّف إلى التهديدات السيبرانية الشائعة، وتفعيل أدوات الحماية على الشبكة، وتخصيص شبكة خاصة لهم على الـ(واي فاي) المنزلي مثل (gues-wifi)، والاستفادة من أدوات الرقابة الأبوية أو برامج إدارة الأجهزة، لتحديد ما يمكن الوصول إليه من محتوى أو تطبيقات، مع إجراء مراجعات دورية لسلوكيات الاستخدام التقني”.
وأكد أنه لابد من تنبيه العمالة المساعدة وأفراد الأسرة بعد التقاط الصور للأشياء الثمينة في المنزل بدافع الإعجاب، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تركها في ملف الصور الخاصة بالأفراد، لعرضها على أصدقائهم من دون وعي ومعرفة بنوايا الغرباء وخلفياتهم، مشدداً على أن حماية الأسرة من الهجمات السيبرانية لا تتحقق إلا من خلال وعي جماعي يشمل كل فرد داخل المنزل مهما كان دوره، فكل شخص يتعامل مع التكنولوجيا داخل البيئة المنزلية يجب أن يكون جزءاً من منظومة الحماية الرقمية، لضمان بيئة رقمية آمنة ومستقرة تحمي خصوصية الأسر، وتمنع أي اختراق محتمل.
خبير الأمن السيبراني: دور العمالة في الحماية الرقمية
قال خبير الأمن السيبراني، عبدالنور سامي: “إن للعمالة المنزلية دوراً مهماً في الحفاظ على الحرمات الرقمية للمنازل، وفي هذا الجانب لدينا بعض الضوابط للحماية من الاختراق وتندرج تحتها جوانب تقنية، والجانب الآخر هو الحفاظ على الخصوصية وهو جانب إجرائي أو إداري كما يسميه البعض، وأما النصب والاحتيال فيتطلب جهوداً تقنية وإجرائية”.
وقال لـ(خبر عاجل): “بالنسبة للجوانب التقنية، يندرج تحتها حماية أجهزة العمالة المساعدة، لأن معظمهم لا يدركون كيفية عمل الحماية، ولابد من توعيتهم بأهم الأسس في الأمان الرقمي، وذلك بهدف إنساني أولاً لكي لا يتعرضون لفقدان أموالهم أو تعرض حياتهم الشخصية للخطر، فكثير من العمالة خسروا أموالهم، أو تعرضوا لهجمات ابتزاز عابرة للقارات، وعند الابتزاز قد تكون المطالبات من المبتز لا تقتصر على العمالة فقط، بل تمتد إلى العائلة أيضاً، حيث يطلب المبتز من العاملة تصوير أفراد البيت دون علمهم”.
وأشار إلى وجود عمليات نصب واحتيال تستهدف أصحاب الدخل البسيط كالعمالة المنزلية، توهمهم بالاستثمار في الأسهم مثلاً بقيمة 40 درهماً فقط، وهنا يجب توعيتهم لحمايتهم بهدف إنساني، وحتى لا يُسبب ذلك أي مشكلات لصاحب المنزل.
وأضاف: “اختراق أجهزة العمالة، قد ينقل الضرر إلى بقية الأجهزة داخل المنزل، ما قد يعرض أجهزة أفراد الأسرة للخطر، حتى وإن لم تُخترق أجهزة أفراد الأسرة فمن السهل على المخترق أو (الهاكر) أن يتجسس عليهم عبر أجهزة العمالة، خصوصاً أن لديهم صلاحية الوصول إلى جميع الغرف في المنزل، وبعدها تبدأ عمليات ابتزاز ومساومة”.
وتابع سامي: “أما من ناحية انتهاك الخصوصية، فنجد أن كثيراً من العمالة يشاركون صوراً باستمرار، وفي كثير من الأحيان قد تستخدم العمالة مرافق المنزل لالتقاط الصور، منتهكين الحرمات، وأحياناً يصل الأمر إلى أن بعض العمالة قد تستخدم ملابس أصحاب المنزل للتصور فيها، وتستخدم مساحات شخصية لالتقاط الصور كالمكاتب وغيرها، كما يشارك كثير منهم يومياتهم، وفي بعض الأحيان قد يصل الأمر إلى إطلاق بث على (إنستغرام) و(تيك توك)، بهدف الحصول على المال أو الإعجاب أو بناء العلاقات”.
وواصل: “هنا لابد من التدخل البشري، وتعليم العمالة العادات والتقاليد المجتمعية، وحدود الأدب في المشاركة، وطريقة الاستخدام المثلى للتكنولوجيا”.
وأوضح أن هناك نقطة نغفل عنها جميعاً، وهي أن العمالة عندما يكون لديهم الوعي، فسيلعبون دوراً في حماية الطفل دون مجاملات، لأنهم أكثر من يرافق الطفل هذه الأيام وليس الوالدين المنشغلين.
وأكد أن الحل الأول والأمثل هو التوعية والتفاهم والتحاور، أما في ما يخص الجوانب التقنية، فيتوجب تحديد ساعات الاستخدام والتطبيقات المسموح بالوصول إليها، ومنع التطبيقات المشبوهة التي قد تنتهك الخصوصية، وإعداد برامج حماية على صعيد الأجهزة وأيضاً على صعيد الشبكة لكي لا يمتد أي ضرر من جهاز لآخر. وفي حال وجود تصرفات غير مقبولة، لابد من منع الوصول للبرامج إطلاقاً، في ما عدا البرامج التي يستخدمها أفراد العمالة للتواصل مع عائلاتهم خارج الدولة، أو توفير جهاز للعاملة بكاميرا أمامية فقط، وهذا خيار عند وجود تجاوزات أو انتهاكات فقط.
واختتم حديثه قائلاً: “هنا نحن بحاجة إلى دراسة قانونية حول حدود الصلاحيات التي يمتلكها ولي الأمر على العمالة في إطار الرقابة الأبوية، باعتبار العامل المنزلي فرداً من الأسرة، كما أننا بحاجة لأن توفر الجهات المعنية المحتوى التعليمي اللازم بكل اللغات للعمالة، وأن يكون الاطلاع عليها شرطاً من الشروط الأساسية لاجتياز متطلبات العمل والخدمة المنزلية”.
آراء أرباب الأسر
- نشدد على العاملات عدم مشاركة شبكة «الواي فاي» أو الصور أو تفاصيل العائلة، ونُحدّد لهن صلاحيات معينة لاستخدام الأجهزة الذكية.