خبر عاجل: أعباء رسوم الأنشطة الصيفية تثقل كاهل الأسر ذات الدخل المحدود
أثارت التكاليف الباهظة للأنشطة الصيفية قلق الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط، حيث يرون أنها تشكل عبئاً مالياً كبيراً يهدد قدرتهم على توفير بدائل ترفيهية وتعليمية لأبنائهم خلال العطلة الصيفية.
عبّر العديد من أولياء الأمور عن استيائهم من ارتفاع رسوم الاشتراك في المراكز والمخيمات الصيفية الخاصة، مؤكدين أنها تستنزف ميزانيتهم. وأشار أحدهم إلى أنه يدفع 6000 درهم شهرياً لطفله، بينما ذكر آخر أنه يسدد 800 درهم مقابل أربعة أيام في الأسبوع.
أكد المتضررون أن هذا التحدي المالي يمنع بعض الأسر من إشراك أبنائها في الأنشطة الصيفية، مما يدفعهم للبحث عن بدائل مجانية تقدمها بعض الجهات الحكومية، أو اللجوء إلى الحل الأسهل وهو قضاء وقت الفراغ أمام الشاشات والأجهزة الإلكترونية.
طالب الأهالي بتوسيع نطاق الأنشطة المجانية خلال الصيف، وتوفير خيارات ترفيهية تناسب إمكانات الأسر ذات الدخل المحدود، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة الذي يحد من الأنشطة الخارجية في الحدائق والأماكن المفتوحة.
وشدد المختصون على أهمية الأنشطة الصيفية، داعين إلى توفير بدائل مجانية تستهدف الأسر محدودة الدخل.
أوضح (أبوآدم)، ولي أمر لطفلين، أن البحث عن نشاط رياضي مناسب يبدأ مع بداية الإجازة الصيفية، إلا أن الرسوم تشكل عبئاً مالياً كبيراً، حيث يدفع 800 درهم عن الطفل مقابل نشاط رياضي لمدة أربعة أيام في الأسبوع، من الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً. وأضاف أن الأب مضطر لتحمل هذه الأعباء، لأن البديل هو جلوس الأبناء في المنزل وإدمان الألعاب الإلكترونية.
وذكرت (أم عبدالله) أنها تدفع 6000 درهم شهرياً مقابل اشتراك طفلها في مخيم صيفي خاص، من الثامنة صباحاً حتى الثالثة والنصف عصراً.
وأشار (أبوأحمد)، وهو أب لثلاثة أطفال، إلى أن أسعار الدورات التدريبية تختلف حسب نوع الرياضة وعدد الحصص ومدة الاشتراك، موضحاً أن سعر دورة السباحة لمدة 10 حصص يصل إلى 1250 درهماً للفرد، وهو مبلغ كبير خاصة لمن لديه عدد من الأبناء.
وقال أسامة عبدالله إن دورات التدريب على آلة موسيقية تصل إلى أكثر من 2000 درهم، فيما تصل قيمة رسوم الاشتراك في دورة لكرة القدم إلى نحو 800 درهم، مرتين أسبوعياً لمدة شهر، مؤكداً أن الكلفة المالية العالية تثقل كاهل الآباء وتجعلهم غير قادرين على توفير بدائل صحية لأبنائهم خلال الصيف.
ويرى (أبوعبدالله) أن المراكز والأكاديميات الخاصة تستغل إقبال الأهالي على الاشتراك في الدورات الرياضية خلال الصيف، برفع أسعارها مقارنة بأيام الدراسة، مشيراً إلى أن هذا يشكل تحدياً كبيراً أمام بعض الأهالي، خاصة ذوي الدخل المحدود، ما يستدعي دراسة توفير بدائل وخيارات لتمكين الأبناء من قضاء وقت فراغ آمن يعزز هويتهم وشخصيتهم، بدلاً من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وممارسة الألعاب الإلكترونية بشكل مفرط.
وذكر آخرون أن ارتفاع نفقات وتذاكر السفر خلال الصيف يمنع بعض الأسر من السفر، لكنها تصطدم بتحديات أخرى متعلقة بتلبية احتياجات الأبناء في ممارسة أنشطة رياضية وترفيهية لقضاء وقت الفراغ.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية الطفل، فيصل الشمري، أن وقت الفراغ يُعد خطراً داهماً وذا أثر قاتل على إبداع الطفل واندماجه الاجتماعي ومساهماته في حماية وبناء الوطن في المستقبل القريب، ناهيك عن المخاطر الكامنة مثل التواصل مع أصدقاء السوء والانحراف السلوكي والفكري وإدمان التقنيات الحديثة، إضافة إلى مخاطر الإدمان التقليدية نتيجة التفكك الأسري أو ضعف الرقابة.
واقترح التنسيق مع وزارة المالية والهيئة الاتحادية للضرائب للنظر في تخصيص جزء من مخصصات الخصم الضريبي للأغراض المجتمعية والإنسانية المماثلة، حيث يمكن أن يسهم المجتمع بأطيافه كافة من دوائر حكومية أو شركات شبه حكومية أو قطاع خاص أو حتى الأفراد في بحث سبل المساهمة في البناء الإيجابي للأطفال وأنشطتهم، خاصة أثناء العطل المدرسية، إضافة إلى الأنشطة اللاصفية التي تكون بعد اليوم الدراسي أو أثناء الإجازات القصيرة أو إجازات آخر الأسبوع.
كما لا يمنع ذلك من دراسة آليات الحوكمة والرقابة لمنع إساءة استغلال مثل هذه الخدمات النبيلة، وتبسيط آليات التسجيل، وأهمية الحفاظ على خصوصية الأسر المتعففة تحقيقاً للأهداف النبيلة المرجوة.
وأكد الاستشاري الأسري، الدكتور سيف راشد الجابري، أن الصيف فرصة كبيرة للأطفال وأسرهم لقضاء صيف مفيد يعود بالنفع على الأبناء.
وقال إن الأنشطة الصيفية ذات مغزى مهم جداً في بناء قيم وعادات وتقاليد داخل المجتمع، والصيف فرصة لأولادنا للتعلم والاستفادة من المهارات المختلفة، ولكن هناك ظاهرة متعلقة بقيمة الاشتراك في الأنشطة الصيفية، ففي الماضي كانت الأنشطة مجانية للكل وتتبناها جهات مختلفة حكومية وشبه حكومية وخاصة لترعى أبناء الوطن والمقيمين على أرضه، ولكن بدأت تظهر بعض الأنشطة الصيفية برسوم اشتراك وأصبحت تجارة مربحة لأصحاب الأنشطة الخاصة، وهذا بدوره أثر في الأسر ذات الدخل المحدود، إذ منعها من المشاركة في هذه الأنشطة.
ونبه إلى أن هذه الظاهرة وجهت بعض الأطفال إلى الألعاب والأجهزة الإلكترونية المتوافرة في المنازل أو بعض المراكز التي تكون كلفتها قليلة، ولهذا السبب من الأهمية أن تكون دائماً أسعار الاشتراك في الأنشطة الصيفية رمزية وليست تجارية من باب الاهتمام بالأطفال، ولا يكون غاية النشاط الصيفي هو الربح والتربح.
واقترح أن تقوم الجهات المرخصة للأنشطة بإلزام أصحاب الأنشطة أن تكون المبالغ رمزية والرسوم معتمدة وألا تكون تنافسية، كيلا يمتنع أولياء الأمور من ذوي الدخل المحدود عن إشراك أطفالهم فيها، خصوصاً للذين لديهم أعداد كبيرة من الأطفال.
في المقابل، رأى المسؤول في أكاديمية بيبو الرياضية، إبراهيم حسن، أن أسعار الأنشطة الرياضية الصيفية بوجه عام تنافسية ومناسبة لمستوى دخل الأسر بفئاتها المختلفة، وهي تتفاوت من مكان لآخر وترتبط بأسعار الإيجار وتكاليف التشغيل.
وأكد أن خيار إشراك الأبناء في نشاط رياضي خلال موسم الصيف هو الأفضل والأرخص، إذا ما تم مقارنته بأسعار تذاكر دخول يوم واحد في أحد الأماكن الترفيهية، فضلاً عن الفوائد النفسية والبدنية التي تعود على الطفل من ممارسة النشاط الرياضي بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية. ولفت إلى أهمية أن يركّز أولياء الأمور عند اختيار الأنشطة الرياضية لأبنائهم على المنافع الصحية التي سيحصلون عليها، ويمكنهم متابعة العروض التي تطرحها المراكز واختيار ما يناسب إمكاناتهم المادية، حيث توجد خيارات بأسعار مناسبة لا تزيد على 300 درهم شهرياً للطفل الواحد.
صندوق الوطن
توفر جهات حكومية فعاليات متنوّعة يمكن للأطفال المشاركة في أنشطتها، ولعل أبرزها البرامج الصيفية التي أطلقها صندوق الوطن في 56 مدرسة ومركزاً ثقافياً وشبابياً بالدولة، وتشهد إقبالاً فاق كل التوقعات من جانب الطلبة وأولياء الأمور.
وتشمل البرامج (العربية) لغة القرآن والبرامج التوعوية الخاصة بالهوية الوطنية والتراث والقيم الإماراتية الأصيلة، وأنشطة فنية وترفيهية ورياضية، وأخرى حرفية وتراثية ورياضية.