جلسة حكومية لبنانية مرتقبة لبحث حصرية السلاح ومصدر يؤكد: ستكون حاسمة
تترقب الأوساط الدولية والعربية باهتمام بالغ جلسة مجلس الوزراء اللبناني المقررة يوم الثلاثاء، كونها الجلسة الأولى التي تسعى إلى بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بالاعتماد على إمكاناتها الذاتية، وذلك تطبيقًا لما ورد في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، والتزامًا بحصر السلاح في يد الدولة.
إلا أن “حزب الله”، على لسان النائب علي فياض، استبق انعقاد الجلسة بوضع شرط أساسي، وهو إعطاء الأولوية لـ “ثلاثية” تتضمن انسحاب إسرائيل، وإطلاق سراح الأسرى، ووقف الأعمال العدائية، قبل أي نقاش آخر. ويبدو أن هذا الشرط يهدف إلى إدخال الجلسة في نقاش مطول بهدف تعطيل إقرار حصرية السلاح.
لكن هذا التوقيت الذي اختاره فياض لإيصال رسالة اعتراضية على جدول أعمال الجلسة لن يثني رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، المدعوم من الرئيس سلام وأكثر من ثلثي أعضاء الحكومة، عن وضع آلية تنفيذية لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة. ويتواصل الرئيسان مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لما يتمتع به من نفوذ لدى حليفه “حزب الله”، بهدف إقناعه بتعديل موقفه بما يسمح بمرور الجلسة بسلام والتصويت على آلية بسط سلطة الدولة، والتمهيد لتجاوب الحزب مع طلب تسليم سلاحه.
ويؤكد مصدر وزاري مقرب من عون وسلام أن دعوتهما لعقد جلسة الحكومة المخصصة لتطبيق حصرية السلاح لم تأتِ من فراغ، ولن تنتهي دون تحقيق نتائج ملموسة.
ويشدد المصدر لـ “خبر عاجل” على إصرارهما على حسم الموقف لصالح بسط الدولة لسلطتها، لأن الوضع الداخلي لم يعد يسمح بالمزيد من التأخير، وأن الضغوط الدولية والعربية على لبنان تتزايد، وبدأت ترفع منسوب الحصار المفروض عليه، ولا يمكن مواجهة ذلك إلا بالاستجابة للنصائح بضرورة حسم موقفه بوضع آلية تنفيذية لجمع السلاح من القوى المحلية، بما في ذلك “حزب الله”.
ويلفت المصدر إلى أن الوقت ليس في صالح لبنان، وأنه لا يوجد خيار سوى اغتنام الفرصة الأخيرة لإنقاذه، وإلا فإن الحكومة ستتحول إلى إدارة للأزمة، ولن تجد من يساعدها في حل مشكلاتها الداخلية المتفاقمة، في ظل تخلي حلفاء الحزب عنه، بانضمام ممثل تيار “المردة” النائب طوني فرنجية والنائب فيصل كرامي إلى المطالبين بحصرية السلاح، بالتزامن مع مضي “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل في إنهاء تحالفه مع الحزب، وإلغاء مفعول ورقة التفاهم الموقعة بينهما في فبراير (شباط) 2006.
ويكشف المصدر أن الضغوط الدولية والعربية بدأت تشتد على لبنان، وأن رد الوسيط الأميركي توم برّاك على الرد الرئاسي على أفكاره التي طرحها لمساعدة لبنان في وضع آلية لتطبيق اتفاق وقف النار لم يتضمن أي تعديل، بل تضمن لهجة حازمة تدعو إلى الانتقال من إعلان النيات إلى التطبيق الفوري.
ويؤكد أن واشنطن، التي لن ترسل برّاك إلى بيروت للمرة الرابعة حتى إشعار آخر، تستغرب الخضوع لشروط الحزب الذي كان وراء جر البلد إلى مواجهة مع إسرائيل بدعمه لغزة لحسابات إقليمية، وتحديدًا إيرانية، مما كبد البلاد خسائر بشرية ومادية كبيرة، وأنه قد حان الوقت لمحاسبته على أفعاله بسحب سلاحه، وإلا فلن يحصل لبنان على المساعدة التي يحتاجها بشدة لإعادة إعمار البلدات المدمرة.
وفي هذا السياق، يسأل مصدر وزاري “حزب الله”: ما الفائدة من احتفاظه بسلاحه طالما أنه يمتنع عن الرد على العدوان الإسرائيلي؟ وأوكل، كما قال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، إلى الدولة مسؤولية التصدي للاعتداءات؟ وهل حان الوقت لإجراء مراجعة نقدية لمواقفه والانخراط في مشروع الدولة، مع الأخذ في الاعتبار الأضرار الجسيمة التي تلحق بالبلاد جراء الحصار الدولي المفروض عليها؟
كما يسأل: لماذا يتعامل الحزب مع المطالبة بسحب سلاحه وكأنه اعتراف بالهزيمة، بالمعنى السياسي للكلمة، في حين يتفق خصومه على أنه أحد أبرز المكونات التي لا يمكن تجاهلها أو إخراجها من المعادلة السياسية؟ ويرى المصدر لـ “خبر عاجل” أن مجرد تقدير الحزب للظروف الدقيقة والمصيرية التي تمر بها البلاد يفرض عليه التخلي عن سلاحه وإيداعه لدى الدولة، وهذا يتطلب منه اتخاذ قرار شجاع قبل فوات الأوان، وبذلك يوفر لها الذرائع بمطالبة الولايات المتحدة بتقديم ضمانات بالضغط على إسرائيل ليتزامن تنفيذها مع بدء تطبيق الجدول الزمني الخاص بحصرية السلاح؟
ويؤكد المصدر أن شروط الحزب مقابل موافقته على حصرية السلاح غير قابلة للتنفيذ، ويمكن إلحاق “ثلاثية” فياض التي طرحها على عجل بآلية تنفيذ بسط سلطة الدولة دون أن تتقدمها على أنها شرط للاستجابة للأغلبية الساحقة من الوزراء المؤيدين لحصرية السلاح.
ويتساءل عن الأسباب الكامنة وراء تمسكه بشروطه، وهو يدرك أنها تزيد من المخاطر التي تهدد البلاد بسبب إصرار إسرائيل على توسيع عدوانها؟
لذلك، يواجه مجلس الوزراء معادلة صعبة للتوفيق بين استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان، والدخول في مصالحة معه على أساس تسليمه بحصرية السلاح، وبين تطويق معارضة “حزب الله”، ما لم ينجح بري في تليين موقفه والاكتفاء بتسجيل تحفظه من باب الاحتياط، خاصة وأن المشاورات بين الرؤساء الثلاثة مستمرة حتى انعقاد الجلسة، فيما يتواصل سلام مع أحزاب “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” و”الكتائب” الذين يشكلون خط الدفاع الأول عن حصرية السلاح، ويدعون إلى إقرارها، مع الأخذ في الاعتبار الإجماع الدولي على تأييدها الذي يلقى ترحيبًا واسعًا في لبنان، دون أن يسقطوا رهانهم على تدخل بري لإنقاذ الموقف ومنع إقحام الجلسة في اشتباك سياسي يزيد من عزلة “حزب الله”.
فهل يتراجع الحزب عن شروطه بما يسمح للدولة ببسط سيادتها على أراضيها؟ ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لدى إسرائيل لإلزامها بالانسحاب تطبيقًا للقرار 1701؟