Published On: Fri, Oct 18th, 2024

لماذا يحاسبنا الله وقد كتب كل شيء؟

السؤال حول محاسبة الله للإنسان على أفعاله رغم علمه المسبق بها يشكل موضوعًا فلسفيًا ودينيًا معقدًا. الدكتور محمد داود، أستاذ الشريعة بجامعة قناة السويس، يقدم إجابة شاملة عبر كتابه “لماذا؟”، حيث يوضح أن الله يكتب علمًا وليس جبرًا.

حرية الإرادة ومسؤولية الإنسان

القرآن الكريم يشير بوضوح إلى حرية الإرادة الإنسانية، كما في قوله تعالى: {وَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: 29). يُظهر هذا أن الإنسان مُخيَّر ويُحاسب بناءً على اختياراته. الله تعالى قد كتب علمًا مُسبقًا، لكنه لا يُلزم الإنسان بالخيارات السلبية، بل يُشجعه على فعل الخير.

سنن الله وقوانين الطبيعة

يوضح الدكتور داود أن هناك سننًا إلهية تحكم العالم، مثل الجاذبية وقوانين النمو. هذه السنن لا تدخل في نطاق حرية الاختيار، حيث تُطبق بشكل طبيعي دون تدخل إرادي من الإنسان. بينما في الأمور التي تشمل التكليف، مثل الصلاة والزكاة، يكون للإنسان حرية الاختيار.

توقعات المستقبل وحرية الإرادة

يستعرض الدكتور داود مثال المعلم الذي يتوقع نتائج طلابه في الامتحانات. توقعات المعلم تعكس علمه وليس جبره. كذلك، العلوم مثل الأرصاد الجوية تعتمد على التوقعات القائمة على معلومات سابقة. لذلك، علم الله مُستقبلي ويشمل كل الأفعال، لكن هذا لا يعني أنه يجبر الإنسان على اتخاذ قرارات معينة.

التوكل والأخذ بالأسباب

قد يُساء فهم مفهوم التقدير الإلهي على أنه تواكل. ولكن، يُشير الدكتور داود إلى أن الرزق والتوفيق يتطلبان العمل. من يُحسن استخدام الأسباب ويجتهد سيجد التوفيق من الله.

الخاتمة

تظل حرية الإرادة الإنسانية أساسًا لمحاسبة الله، حيث يُحمِّل الإنسان مسؤولية اختياراته. الإيمان بأن الله عالم بكل شيء لا يُعفي من المسؤولية بل يُعززها، مما يُشجع على التفكير الإيجابي والعمل الصالح.