رحيل الدكتور عمار بوقس: “قاهر المستحيل” الذي ألهم الأجيال
رحل عن عالمنا الدكتور عمار بوقس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة جمعية “الإرادة للموهوبين من ذوي الإعاقة”، عن عمر ناهز 56 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا إنسانيًا ضخمًا وأثرًا عميقًا في قلوب كل من عرفوه. دُفن جثمانه في مقبرة الرويس في جدة بعد أن أُديت عليه صلاة العصر، ليفقد المجتمع السعودي والعربي شخصية ملهمة تُجسد معاني الإصرار والتحدي.
عُرف الدكتور بوقس بلقب “قاهر المستحيل”، وهو لقب لم يكن مجرد عنوان، بل كان تجسيدًا حقيقيًا لمسيرته الشخصية. وُلد بوقس بإعاقة جسدية نادرة أثرت على قدرته على الحركة، ولكن رغم ذلك، رفض الاستسلام للإعاقة، حيث ظل يسعى لتحقيق طموحاته دون أن يكون لإعاقته أي تأثير على إرادته.
بدأت مسيرته الأكاديمية بمثابرة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الإعلام من جامعة الملك عبد العزيز في جدة، تلاها حصوله على درجة الماجستير في نفس التخصص، ليصبح مثالًا للتفوق الأكاديمي رغم التحديات الجسدية التي واجهها.
إحدى أعظم إنجازات الدكتور بوقس كانت تأسيسه لجمعية “الإرادة للموهوبين من ذوي الإعاقة”، وهي الجمعية التي تهدف إلى دعم وتشجيع الموهوبين من ذوي الإعاقة وإبراز مواهبهم في شتى المجالات. كانت الجمعية بمثابة منصة إلهام للعديد من الأشخاص الذين تعرضوا لتحديات مماثلة، حيث قدمت برامج ومبادرات أسهمت في تطوير قدرات الأفراد الموهوبين، وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم.
كان الدكتور بوقس مؤمنًا بأن “الإرادة تصنع المستحيل”، وكان يحرص دائمًا على نقل هذا الرسالة إلى الآخرين، موضحًا أن القدرة على تحقيق النجاح ليست مرتبطة بالقدرة الجسدية بل بالقوة الداخلية والرغبة في التحدي. ورغم رحيله، ستظل تجربته وحياته مصدر إلهام للأجيال القادمة، خاصة لأولئك الذين يواجهون صعوبات جسدية أو اجتماعية.
لقد شكلت وفاة الدكتور عمار بوقس صدمة للمجتمع السعودي والعربي، وعبّر العديد من المثقفين والناشطين الاجتماعيين عن حزنهم العميق لفقدانه. رحل بوقس، لكن إرثه سيظل حيًا في قلب كل من تابعه وألهمه.