Published On: Sun, Aug 3rd, 2025

خبر عاجل: فقدان الشغف أبرزها.. 6 دلائل مبكرة على الاضطراب النفسي بين أبناء جيل Z

في تحذير متزايد الأهمية، دقّ أطباء ناقوس الخطر بشأن التحديات الصحية المتصاعدة التي تواجه جيل الألفية الشاب، المعروف بـ “جيل Z”، مشيرين إلى ارتفاع مقلق في معدلات الاضطرابات النفسية. هذا الجيل، الذي نشأ في كنف العصر الرقمي، يواجه تحديات فريدة تتطلب اهتمامًا ودعمًا متخصصين.

NewsImage

أكد أطباء لـ “خبر عاجل” أن هناك أربعة تحديات صحية رئيسية تلقي بظلالها على هذا الجيل: اضطرابات النوم والأكل، والسمنة، وارتفاع خطر الإصابة بالسكري، بالإضافة إلى المشكلات النفسية المتزايدة مثل الاكتئاب والقلق وضعف تقدير الذات واضطرابات الهوية والعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة.

وأشاروا إلى أن هذا الجيل، الذي تتراوح أعمار أفراده حاليًا بين 13 و 28 عامًا، يعاني من نقص في خمس مهارات حياتية أساسية، تتضمن ضعف التواصل المباشر، وصعوبة بناء علاقات اجتماعية خارج العالم الافتراضي، وضعفًا في إدارة المشاعر مثل الصبر وضبط النفس، وقلة مهارات حل المشكلات الواقعية، وصعوبة التكيّف مع ضغوط الحياة اليومية، وذلك نتيجة الاعتماد الكبير على التكنولوجيا في الترفيه والتعلم.

أوضح الأطباء أن هذا الجيل يعيش تحت وطأة ضغوط نفسية معقدة، بسبب التفاعل اليومي المكثف مع بيئة رقمية سريعة التغير، بالإضافة إلى المعايير المثالية غير الواقعية التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى اضطرابات في الصحة النفسية والجسدية. ولفتوا أيضًا إلى تحول واضح في العلاقة بين أبناء هذا الجيل وأسرهم.

وأظهرت دراسات عالمية ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات القلق والاكتئاب بين الشباب دون سن 25 عامًا، مما يجعل الحاجة إلى الدعم النفسي والمجتمعي أكثر إلحاحًا. وأكدوا أن الحماية المفرطة والتوجيه المتشدد قد يؤديان إلى جيل أقل قدرة على اتخاذ القرارات أو تحمل المسؤولية، مشيرين إلى أن هذا الجيل يحتاج أولاً إلى من يفهمه ويحتويه قبل أن يتم توجيهه أو انتقاده.

ودعوا الأسر إلى الانتباه إلى ست علامات مبكرة للاضطرابات النفسية، تشمل تغير المزاج، والانسحاب الاجتماعي، وفقدان الشغف، واضطرابات النوم أو الشهية، والتعب المزمن، والمبالغة في استخدام الأجهزة الذكية، محذرين من تجاهلها أو الاكتفاء بتفسيرها بأنها “مرحلة عمرية” وستمر، ومشددين على أهمية مرافقة الأبناء رقميًا بدلاً من مراقبتهم فقط، وضرورة تخصيص وقت يومي للحوار المفتوح داخل الأسرة.

كما دعا الأطباء إلى تحقيق التوازن بين التعليم الأكاديمي وتنمية المهارات الحياتية، وتعزيز الذكاء العاطفي والاجتماعي، مع إشراك “جيل Z” في تصميم المحتوى والبرامج التوعوية لضمان ملاءمتها لاحتياجاتهم وتطلعاتهم، بالإضافة إلى ضرورة بناء عادات رقمية صحية من خلال التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، عبر استراتيجيات عملية، مثل الحد من وقت الشاشة، وتشجيع النشاط البدني، وتعزيز التغذية السليمة، وتقليل العادات المرتبطة باستخدام الأجهزة أثناء تناول الطعام أو قبل النوم.

وشددوا على أهمية بناء الثقة وتعزيز الاستقلالية، وتحقيق التوازن بين الدعم النفسي والتوجيه، وتشجيع الأبناء على الاهتمام بالصحة النفسية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية الواقعية.

الاستخدام المفرط

أوضحت الطبيبة العامة الدكتورة هند مكّي، أن جيل Z (المولود بين عامي 1997 و2012) يواجه تحديات صحية متزايدة نتيجة الاستخدام المكثف للتكنولوجيا، على الرغم من الفرص التعليمية والابتكارية المميزة التي توفرها لهم.

وقالت إن “جيل Z” هو أول جيل نشأ في بيئة رقمية بالكامل، حيث أصبحت الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. وعلى الرغم من الفوائد الواضحة مثل سرعة الوصول إلى المعرفة وتطور مهارات التفكير، إلا أننا نلاحظ اليوم ارتفاعًا مثيرًا للقلق في عدد من المشكلات الصحية المرتبطة بالاستخدام المفرط للتكنولوجيا.

وحددت أربعة تحديات صحية رئيسية تؤثر بشكل مباشر على هذا الجيل، وتشمل: “اضطرابات النوم” نتيجة التعرض للضوء الأزرق من الشاشات، خاصة خلال ساعات الليل، حيث يتداخل مع إنتاج الميلاتونين، ما يعطل الإيقاع اليومي الطبيعي ويؤدي إلى النعاس أثناء النهار وانخفاض الأداء المدرسي، ما يخلق دورة تؤثر على كل من الإنجاز الأكاديمي والصحة العامة، و”السمنة” إذ إن نمط الحياة الخامل الناتج عن قضاء ساعات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية أسهم في زيادة معدلات السمنة بين المراهقين، خاصة مع قلة الحركة والعادات الغذائية غير الصحية، وزيادة التوتر من الألعاب أو البيئات الرقمية عالية التحفيز.

وتتضمن المخاطر “ارتفاع خطر الإصابة بالسكري”، حيث أظهرت الدراسات أن الجلوس المطول أمام الشاشات دون حركة كافية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حساسية خلايا الجسم للأنسولين، ما يؤدي إلى السكري ومقاومة الأنسولين، و”الصراعات النفسية والاكتئاب”، حيث إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي بينما تربط المستخدمين عالميًا، يمكن أن تثير المشاعر السلبية بما في ذلك انخفاض الثقة بالنفس والغيرة ومشاعر عدم الكفاية، وأن المقارنة المستمرة مع الآخرين عبر الإنترنت تسهم في تقلبات المزاج والاكتئاب.

ودعت إلى ضرورة بناء عادات رقمية صحية من خلال التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، عبر استراتيجيات بسيطة مثل الحد من وقت الشاشة، خاصة قبل النوم، وتشجيع النشاط البدني المنتظم، وتعزيز الأكل الصحي وتقليل الوجبات الخفيفة أثناء استخدام الأجهزة، قائلة: “التوازن هو المفتاح، ونحن لا نعارض التكنولوجيا، بل ندعو إلى استخدامها بشكل ذكي ومسؤول يدعم الصحة النفسية والجسدية لهذا الجيل الطموح”.

معايير مثالية غير واقعية

حذّر استشاري الطب النفسي، الدكتور رياض خضير، من الارتفاع الملحوظ في معدلات الاضطرابات النفسية بين “جيل Z” قائلاً: “نحن أمام جيل يواجه ضغوطًا نفسية شديدة ومعقدة، نتيجة التفاعل اليومي المكثف مع بيئة رقمية متقلبة، ومجتمع يفرض معايير مثالية غير واقعية”.

وأوضح أن أبرز التحديات النفسية التي يلاحظها الأطباء حاليًا لدى هذه الفئة تشمل: “القلق المزمن، والاكتئاب، واضطرابات النوم، وضعف تقدير الذات، واضطرابات الهوية، واضطرابات الأكل، إضافة إلى رصد ميول متزايدة إلى العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة، على الرغم من كثافة العلاقات الرقمية التي قد تفتقر إلى العمق والدعم الحقيقي”.

وأكد أن “وسائل التواصل تلعب دورًا كبيرًا في زيادة القلق والاكتئاب عبر تعزيز المقارنات الاجتماعية، وضغط الصورة المثالية، كما أن ثقافة (الترند السريع) والتعرض للتنمر الإلكتروني بشكل يومي يؤثر سلبًا على الصحة النفسية، إلى جانب الاستخدام المفرط للأجهزة الذي يرهق الدماغ ويعطل آليات النوم الطبيعية”.

ونوّه إلى ضرورة انتباه الأهل إلى العلامات المبكرة للاضطرابات النفسية، وتشمل “تغيرات مفاجئة في المزاج، والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية، وفقدان الشغف، واضطرابات النوم أو الشهية، والشكوى المتكررة من التعب أو التوتر، والمبالغة في استخدام الأجهزة الذكية”.

وشدد على ضرورة مرافقة الأهالي لأبنائهم رقميًا لا مراقبتهم، وتخصيص أوقات يومية للحوار المفتوح معهم، مع تقنين استخدام الشاشات، كما حذر من تجاهل الإشارات المبكرة أو الاكتفاء بتفسيرها بأنها “مرحلة عمرية” فقط، إذ إن الدعم النفسي المبكر يصنع فارقًا كبيرًا في مستقبلهم.

وبيّن أن الدراسات، بما فيها تقارير منظمة الصحة العالمية، تشير إلى ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب بين من هم تحت سن 25 عامًا بشكل غير مسبوق، خاصة بعد جائحة “كوفيد – 19” التي عمقت الأزمات النفسية لدى الشباب.

وأكد أن العلاج المعرفي السلوكي أثبت فاعليته مع هذه الفئة، إلى جانب جلسات الدعم النفسي الجماعي والاهتمام بتعزيز التواصل الأسري، لافتًا إلى أن الوقاية تبدأ من بناء وعي صحي نفسي لدى الأهل والأبناء مع تشجيعهم على ممارسة الرياضة والتفاعل الاجتماعي الواقعي، مشيرًا إلى أن هذا الجيل أكثر استعدادًا من غيره للحديث عن مشكلاته النفسية بفضل التوعية الرقمية والمجتمعات الداعمة، لكن لا تزال بعض العوائق قائمة مثل الخجل أو الخوف من وصمة العار في بعض البيئات الاجتماعية.

استقلالية الفكر

قالت أخصائية طب الأسرة، الدكتورة رحاب يوسف السعدي، إن العلاقة بين “جيل Z” وأسرهم شهدت تحولًا واضحًا عن الأجيال السابقة، حيث أصبح التباعد العاطفي ملموسًا رغم التقارب المكاني، إذ إن هذا الجيل يعتمد بشكل أساسي على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كمصادر للمعرفة، ما أدى إلى تراجع الحوار العميق داخل الأسرة والذي أصبح مشوشًا بسبب فجوة الفهم والقيم وطريقة التفكير بين الأبناء وذويهم، كما أن استقلالية الفكر لدى أبناء هذا الجيل أصبحت سريعة التكوين بسبب تعدد مصادر المعلومات على عكس ما كان عليه الحال في الماضي.

وأكدت أن الحماية الزائدة والمبالغة في التوجيه قد تخلق جيلًا أقل قدرة على اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية، إلى جانب المبالغة في التوجيه الذي جعل الأبناء يشعرون بعدم الثقة في قدراتهم، ما يؤدي إلى القلق المزمن وفقدان الثقة بالنفس، لافتة إلى أن هذه التصرفات من الأهل رغم أنها قد تصدر بدافع الحب والخوف، إلا أنها تؤدي إلى نتائج عكسية على الصحة النفسية للأبناء ما يزيد من اعتمادهم المفرط على الآخرين.

وأوضحت أن “جيل Z” يفتقر إلى خمس مهارات اجتماعية، تشمل “التواصل الواقعي وجهًا لوجه، والقدرة على بناء علاقات اجتماعية صحية خارج العالم الرقمي، كما يواجه ضعفًا في مهارات إدارة المشاعر، مثل الصبر وضبط النفس، والقدرة على حل المشكلات الواقعية دون اللجوء إلى الحلول السريعة أو الافتراضية، إضافة إلى ضعف في مهارات التكيف مع الضغوط الحياتية نتيجة الاعتماد الكبير على التكنولوجيا في الترفيه والتعلم”.

وفي ما يتعلق بإعداد البرامج التعليمية والتوعوية لهذا الجيل، شددت السعدي على ضرورة الدمج بين الجوانب الأكاديمية والمهارات الحياتية، وأهمية اعتماد أنشطة تفاعلية تُنمّي الذكاء العاطفي والاجتماعي، إلى جانب ضرورة استخدام التكنولوجيا بشكل ذكي ومدروس، وتقديم محتوى بصري وتفاعلي يتماشى مع نمط تلقي المعلومات لدى هذا الجيل، مشيرة إلى أهمية إشراك الشباب أنفسهم في تصميم هذه البرامج لضمان توافقها مع تطلعاتهم واحتياجاتهم الفعلية.

وفي رسالتها إلى الأهل، دعت إلى الاستماع إلى الأبناء دون إطلاق أحكام مسبقة، مؤكدة أن هذا الجيل يحتاج إلى من يفهمه ويحتويه قبل أن يوجّهه أو ينتقده، كما أكدت على أهمية بناء الثقة وتعزيز الاستقلالية، إلى جانب التوازن بين الدعم النفسي والتوجيه، مع تشجيعهم على الاهتمام بالصحة النفسية والمشاركة في الأنشطة الرياضية والاجتماعية الواقعية، والتعامل الواعي والمسؤول مع التكنولوجيا داخل البيت، ليكون استخدامها ضمن حدود صحية وآمنة.