في لحظة تنضح بالعمق السياسي والقيمي، شدّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على الحصانة الحقيقية للمجتمعات حين يتم تأسيس القضاء على استقلاليته ونزاهته، مبينًا أن ذلك لا يمثل مجرد مطلب قانوني، بل هو الضمانة الحقيقية التي تحفظ الحقوق وتحمي كرامة الأفراد وتنقذ المجتمعات من الانزلاق نحو الخلل الاجتماعي. لقد انعكس هذا الموقف في كلمات سموه حين أجاز للقضاة الجدد أداء القسم، في مجلس احتواه الحضور الرسمي بكل معاني المسؤولية، مضيفًا بأن العدل ليس رفرفةً في قانون بل ترجمة حية تعيد بناء الثقة وتمنح الناس الشعور العميق بالحرية والمساواة، داعيًا القضاة لأن يكونوا في طليعة حراس الحقوق، يرسمون بالعدالة طريق المستقبل، ويكون عملهم مرآة تعكس أمانة المهنة ووجدان المجتمع.ومع هذا، فإن القناعة التي عبر عنها سموه ليست معتدلاً يوميًا بل في تفاصيل تحدث بهدوء تلك المشاهد التي تختزل الرسالة؛ هو الذي صنع قرارًا يشجع به استقلالية القضاء عبر تعزيز التشريعات المرنة، وتفعيل المؤسسات، وفرض سيادة القانون في جميع المساحات القضائية دون استثناء، مقتنعًا أن التفويض الحقيقي للقاضي لا يأتي من منصب بل من نزاهة المواقف، ومن قدرته على استرجاع الحقوق وردّ المظلومين إلى أوطانهم القانونية والأخلاقية.