شكاوى من طول اليوم الدراسي في الإمارات: بين مطالب الأهالي والمعايير التعليمية
في وقتٍ تشهد فيه المدارس الإماراتية مطالب متزايدة من أولياء الأمور بتقليص ساعات اليوم الدراسي، لا يزال النقاش مستمراً حول تأثير هذه الساعات الطويلة على صحة الطلبة واستيعابهم الدراسي. وقد جدّد العديد من ذوي الطلبة مطالباتهم بإعادة النظر في عدد ساعات اليوم الدراسي، خاصة مع دخول فصل الشتاء الذي يقتصر فيه النهار، مما يزيد من شعور الطلبة بالإرهاق.
مطالب الأهالي: إرهاق جسدي وذهني للطلاب
أشار عدد من أولياء الأمور إلى أن طول اليوم الدراسي أصبح يشكل عبئاً على الطلبة، خاصة في المراحل الدراسية الأولى. حيث يضطر الطلبة إلى الاستيقاظ في وقت مبكر، ويعودون إلى منازلهم في وقت متأخر، مثقلين بالإرهاق والتعب. ويؤكدون أن هذا الضغط البدني والذهني يؤثر سلباً على قدرة الطلبة على التركيز والمذاكرة. كما شددوا على أن طول اليوم الدراسي في بعض الحالات، الذي يمتد لساعات طويلة، لا يتيح للأطفال فرصة للراحة أو للتفاعل مع أسرهم، مما ينعكس سلباً على حياتهم الاجتماعية والنفسية.
ولية أمر لطلبة في مرحلة رياض الأطفال والحلقة الأولى، نهاد ضاحي، ذكرت أن أطفالها يعودون إلى المنزل في وقت متأخر، وهم في حالة من التعب الشديد، ما يؤثر على استيعابهم وتركيزهم. وأقترحت ضاحي تقليص ساعات الدوام المدرسي بمقدار ساعة، مما يسمح للأطفال بالراحة والقيام بأنشطة تساعدهم على تجديد نشاطهم.
كما أعرب عدد من أولياء الأمور عن قلقهم من الكثافة العالية للمنهج الدراسي، التي يعتقدون أنها تفوق قدرات الأطفال على استيعابها في ظل الضغوطات اليومية. هذا بالإضافة إلى حجم الواجبات المدرسية التي يشعر الطلبة أنها تحرمهم من ممارسة هواياتهم أو قضاء وقت مع عائلاتهم.
التأثيرات النفسية والصحية على الطلبة
من جهة أخرى، حذرت أخصائية طب الأطفال، الدكتورة آية ناصر، من الآثار السلبية التي قد تنتج عن طول ساعات التدريس على صحة الطلبة. وأشارت إلى أن الطلبة الذين يقضون ساعات طويلة داخل الفصول الدراسية أو في الحافلات، يُحتمل أن يعانوا من تعب جسدي وعقلي، مما يؤثر على قدرتهم على التركيز والانتباه. كما قد يؤدي هذا الإرهاق إلى زيادة مستوى التوتر والقلق لدى الطلبة، ما ينعكس على تحصيلهم الدراسي.
وأضافت ناصر أن إرهاق الطلبة قد يكون له تأثيرات نفسية أيضًا، حيث تتسبب الضغوط الدراسية والواجبات المتراكمة في خلق شعور بالإجهاد النفسي، مما يزيد من معاناة الطلبة ويقلل من حافزهم للتعلم.
مواقف تربوية: دعم للدوام المدرسي الحالي
في المقابل، ترى بعض المدارس والتربويين أن عدد ساعات اليوم الدراسي في الإمارات يتماشى مع الخطط الزمنية المعتمدة للمناهج الدراسية. ويؤكد هؤلاء أن هذه الساعات لا تضر بالعملية التعليمية بل تدعمها، حيث أن الطلاب بحاجة إلى الوقت الكافي لاستيعاب المواد المختلفة. وتوضح وزارة التربية والتعليم أن عدد ساعات اليوم الدراسي في الدولة يبلغ 5.4 ساعات يومياً، وهو أقل من المعدل العالمي الذي يبلغ حوالي 6.8 ساعات يومياً. كما تم تقليص الدوام الأسبوعي ليشمل أربعة أيام ونصف يوم بدلاً من خمسة أيام، مع ترحيل الساعات المتبقية إلى الأيام الأخرى.
وشدد التربويون على أن الضغط المتزايد على الطلاب يجب أن يُراعى من خلال أنشطة تعليمية متوازنة تساهم في تنمية مهاراتهم الفكرية والاجتماعية. وقد أشار بعض المعلمين إلى أن التنوع في الأساليب التعليمية والتركيز على الأنشطة الصفية وغير الصفية يمكن أن يساعد في تخفيف تأثيرات الإرهاق على الطلاب.
الدعوات لتقليص المناهج والأنشطة
أحد الحلول المطروحة من قبل بعض أولياء الأمور هو تقليص عدد ساعات الدوام المدرسي من خلال تقليص عدد الحصص الدراسية اليومية، والتركيز على المواد الأساسية التي تحتاج إلى وقت أطول لفهمها. كما طالبوا بتقليص المناهج الدراسية، خاصة في المراحل الأولية، والابتعاد عن الحشو والتركيز على تعليم المهارات الأساسية بدلاً من الحفظ التلقيني.
ودعا البعض إلى تعزيز الأنشطة اللامنهجية مثل الفنون والموسيقى، التي يمكن أن تساعد في تخفيف الضغط الذهني والبدني على الطلاب وتساهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعية.
الحلول المحتملة
من الحلول التي اقترحها التربويون والاختصاصيون الاجتماعيون هي زيادة الأنشطة المدرسية التي تكسر روتين الحصص الدراسية التقليدية، وتحفز الطلبة على ممارسة هواياتهم وتنمية مواهبهم. كما شددوا على ضرورة تطوير طرق التدريس التي تركز على تنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، بدلًا من التركيز على الكمّ المعرفي الذي قد يؤدي إلى الإرهاق الذهني.
وفي الختام، يبقى التوازن بين عدد ساعات الدراسة، صحة الطلاب، وتحقيق الأهداف التعليمية هو الحل الأمثل الذي يسعى إلى تحقيقه جميع الأطراف المعنية، من أولياء أمور، تربويين، وإداريين في وزارة التربية والتعليم.