عبادي الجوهر: مزجٌ فني بين الحداثة والأصالة في الموسيقى العربية
يعد الفنان السعودي عبادي الجوهر من أبرز الأسماء في عالم الموسيقى العربية، وهو واحد من الفنانين القلائل الذين استطاعوا الجمع بين الموهبة الموسيقية والعزف على آلة العود مع الأداء الغنائي المتميز. هذه القدرات جعلت منه رمزًا للموسيقى الخليجية والعربية بشكل عام، وموضوعًا لبحث أكاديمي من قبل الباحثة الصينية “جو تشاو”، التي سلطت الضوء على الأسلوب الفريد لعبادي الجوهر في مزجه بين الموسيقى الغربية والأصالة العربية.
تأثير موسيقى عبادي الجوهر على الباحثين الدوليين
قدمت الباحثة الصينية جو تشاو، الحاصلة على درجة الدكتوراة في الموسيقى من المعهد الموسيقي المركزي في الصين، دراسة تناولت تأثير عبادي الجوهر في الموسيقى الخليجية والعالمية. وفي حديث خاص لـ “العربية.نت”، أكدت جو تشاو أن موسيقى الجوهر تبرز قدرتها على الجمع بين الأنماط الغربية الحديثة وبين الأساليب التقليدية للموسيقى العربية، مشيرة إلى أن هذا المزيج هو ما جعل موسيقاه تلامس قلوب المستمعين في مختلف أنحاء العالم.
جو، التي بدأت مسيرتها بتعلم العزف على “البيبا” الصينية (وهي النسخة الصينية من آلة العود)، اختارت في أبحاثها الأكاديمية دراسة تأثيرات الموسيقى الشرقية على الموسيقى العالمية، حيث ركزت على الموسيقى الخليجية والعربية، وكان لعبادي الجوهر دور كبير في تحفيز اهتمامها بهذا النوع من الفن.
المزج بين الحداثة والأصالة
تقول تشاو: “أسلوب عبادي الجوهر يتسم بقدرة استثنائية على المزج بين الأسلوب الغربي والموسيقى الخليجية الأصيلة، مع الحفاظ على روح الموسيقى العربية. هذا التوازن بين الحداثة والأصالة هو ما يجعل موسيقى الجوهر مميزة.” وقد أضافت الباحثة أن ما يميز موسيقى الجوهر هو قدرته على إبقاء نكهة عربية واضحة في عزفه، رغم تأثيرات الموسيقى الغربية التي دمجها ببراعة.
تشاو تعتبر أن الموسيقى العربية، رغم اختلافاتها عن الموسيقى الصينية، تشترك في الكثير من الجوانب، إذ أن كلاهما يعتمد على الإيقاعات المعقدة والزخارف الصوتية التي تمنح كل منها طابعًا مميزًا. وتضيف: “الموسيقى العربية تركز على البنية الإيقاعية والزخرفية، وهو ما يجعلها تتمتع بقدرة على إثارة مشاعر المستمع بشكل مختلف عن الموسيقى الغربية.”
تجربة جديدة: عزف موسيقى الخليج في الصين
في خطوة فريدة من نوعها، قامت جو تشاو بتقديم عرض موسيقي في بكين حيث عزفت على آلة “البيبا” الصينية والعود، مقدمة بذلك مزيجًا من الموسيقى الشرقية. وقد لاقى العرض إعجاب الجمهور الصيني الذي أبدى احترامًا كبيرًا لمهاراتها الموسيقية ولقدرتها على نقل الثقافة الخليجية عبر آلة العود. تقول تشاو مازحة: “ما أتعلمه من عروض الموسيقى العربية أعتبره جزءًا من التبادل الثقافي المستمر، وأنا أستخدم إيرادات العروض في تعلم المزيد عن الموسيقى العربية.”
دعم الموسيقى السعودية عالميًا
من وجهة نظر الباحثة، لا يمكن لحفلات الفنانين مثل عبادي الجوهر أن تكون كافية لنقل الموسيقى السعودية للعالم. فهي ترى أنه من المهم دعم جهود الفنانين السعوديين من خلال الترجمة الثقافية لتجاربهم، وهو ما تقوم به هي شخصيًا، من خلال تقديم الموسيقى السعودية بلغة صينية لجمهور بلادها. وبذلك تساهم في توسيع الفهم الثقافي المتبادل بين الشرق الأوسط والصين.
الختام: جسر ثقافي بين الشرق والغرب
وفي الختام، تؤكد جو تشاو أنها ستواصل بحثها في الموسيقى العربية، معربة عن رغبتها في تقديم المزيد من الأبحاث حول فناني العالم العربي، ونقل تجاربهم الفنية إلى العالم من خلال لغة يفهمها الجمهور الصيني. تشاو ترى في ذلك جسرًا ثقافيًا مهمًا يربط بين الشرق والغرب ويسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات.
موسيقى عبادي الجوهر ليست مجرد نغمات، بل هي لغة تحمل في طياتها تاريخًا وثقافة وفنًا فريدًا يعيشه الجمهور في كل مكان.