إيران: لا نسعى للحصول على سلاح نووي
في وقت تتزايد فيه المخاوف الغربية من تطور البرنامج النووي الإيراني، أكدت طهران مجددًا أنها لا تسعى لامتلاك سلاح نووي. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي نفى في منشور له على منصة “إكس” يوم السبت، نية بلاده تطوير أسلحة نووية، مشددًا على أن سياسة إيران بهذا الخصوص تستند إلى “التعاليم الإيرانية” التي ترفض امتلاك أسلحة دمار شامل. وأضاف أن هذه النقطة تتعلق بمراجعة حسابات إيران الأمنية وأن بناء الثقة بين إيران والدول الغربية أمر ضروري، مؤكدًا أن هذه الثقة يجب أن تكون متبادلة، وليس من اتجاه واحد فقط.
التوترات السياسية والانتخابات الأميركية
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس يشهد فيه العالم ترقبًا لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصًا مع إمكانية عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. هناك مخاوف بين المحللين والخبراء من أن فوز ترامب سيعني المزيد من التصعيد ضد إيران، خاصة بعد انسحابه من الاتفاق النووي في 2018 وفرضه عقوبات صارمة على طهران خلال ولايته الأولى. هذه العقوبات كانت قد أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني، حيث انخفضت صادرات النفط الإيراني إلى نحو 250 ألف برميل يوميًا في 2020، مقارنة مع مستويات أعلى قبل ذلك.
وفقًا لمصادر أميركية، من المتوقع أن يقوم ترامب، في حال عودته إلى الرئاسة، بتكثيف الضغط على إيران عبر ما يعرف بسياسة “العقوبات القصوى”، التي تهدف إلى منع طهران من بيع النفط والتوسع في علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى. هذا التصعيد قد يشمل أيضًا استهداف الموانئ الأجنبية والتجار الذين يتعاملون مع إيران، في محاولة لعزلها اقتصاديًا ودبلوماسيًا.
إيران تتقليل من تأثير فوز ترامب
في المقابل، بدت إيران هادئة إزاء هذه التكهنات. الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قال في تصريحات له إن فوز ترامب “لا يغيّر شيئًا” بالنسبة لطهران، مشيرًا إلى أن الأولوية في السياسة الإيرانية تكمن في تعزيز العلاقات مع الجيران والدول الإسلامية، بدلاً من التركيز على التوترات مع الولايات المتحدة. ولفت إلى أن إيران تتبع سياسة مستقلة بعيدًا عن التأثيرات الخارجية، سواء كانت من قبل ترامب أو غيره.
العودة إلى الاتفاق النووي: التحديات والفرص
رغم الضغط الأميركي، تمكنت إيران في السنوات الأخيرة من تحسين وضعها الاقتصادي جزئيًا. ففي سبتمبر 2024، سجلت إيران أكبر مستوى من صادرات النفط منذ ست سنوات، وهو ما يعكس قدرتها على التكيف مع الضغوط الغربية. لكن في الوقت ذاته، فإن برنامجها النووي لا يزال مصدر قلق بالنسبة للغرب، الذي يرى فيه تهديدًا للأمن الإقليمي والعالمي.
وفي هذا السياق، تبقى المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى على مفترق طرق. في حين تأمل إيران في العودة إلى الاتفاق النووي المبرم في 2015، فإن القلق الغربي من تطوير طهران لقدراتها النووية يظل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق أي تقدم ملموس في هذه المحادثات.
الخلاصة
مع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، لا يبدو أن هناك تحولات كبيرة في سياسة طهران النووية في المستقبل القريب. رغم الضغوط المتزايدة، تؤكد إيران على موقفها الثابت بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية، وتستمر في السير على خطى تعزيز علاقاتها الإقليمية في مواجهة الضغوط الدولية. في الوقت ذاته، يبقى مستقبل الاتفاق النووي والبرنامج النووي الإيراني رهينًا بتطورات سياسية في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، مما يجعل المنطقة في حالة ترقب دائم.