إبراهيم الذهلي يتعقب ذكريات حي «الروضة»: رحلات حول العالم وحنين للماضي
الإعلامي والرحالة الإماراتي إبراهيم الذهلي، الذي زار أكثر من 200 دولة حول العالم، يعود دائمًا إلى ذكريات طفولته في منطقة «الروضة» بأبوظبي. في حديثه، لا يخفي الذهلي حنينه العميق لأيام مضت في تلك المنطقة التي شكّلت جزءًا أساسيًا من حياته، حيث كان يسكن في أول بيت له بمنطقة «الكرامة»، التي كانت تعرف قديمًا باسم «الروضة». تلك الأيام، رغم بساطتها، كانت مليئة بدفء العلاقات وروح التكافل بين جيرانها، وهو ما يشعر به الذهلي اليوم، وهو يطوف بين تفاصيل تلك المنطقة.
الذكريات الحية من حي «الروضة»
يتذكر الذهلي كيف كانت المنطقة، التي بُنيت في أوائل السبعينات بتوجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مخصصة لسكن كبار الموظفين، وكانت تلك البيوت تمثل معيارًا للفخامة في ذلك الوقت. يقول الذهلي: “كانت البيوت صغيرة، لكننا كنا نراها كبيرة جدًا، وكانت مليئة بالذكريات الجميلة التي ترتبط بالجيران والعلاقات الإنسانية الوطيدة”.
ويشير إلى أن معظم سكان المنطقة قد هجروها مع مرور الزمن، بعد أن أعادوا بناء منازلهم وفقًا لمعايير حديثة. ومع ذلك، لا يزال الذهلي يحمل في ذاكرته صورًا حية عن المسجد الصغير في المنطقة وذكرياته مع جيرانه وأصدقائه الذين تربطه بهم روابط قوية.
الحنين لذكريات الطفولة
من بين أبرز الذكريات التي لا يفارقها الذهلي، تلك المرتبطة بكافتيريا «الشموع»، الشهيرة في جيله. يقول الذهلي: “كانت كافتيريا الشموع مكانًا نلتقي فيه أنا وأصدقائي. كنا نهرب من المدرسة لنستمتع هناك بالحمص واللحم اللذيذ، وهذه الذكريات ترافقني أينما ذهبت”. هذه الكافتيريا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ذاكرته، رغم رحلاته حول العالم.
كما يستذكر الذهلي أحداث الطفولة الطريفة، مثل مغامراته مع أصدقائه في الحي، وحكاياته عن البيوت التي كانت مأهولة بالأجانب، والذين كانوا يقيمون حفلات رقص غريبة للأطفال مثل الرقص الإسكتلندي. ويضيف بابتسامة: “كنا نراهم أغرابًا، فنتسلل ونرمي عليهم الحصى، ثم أصبحنا نراقبهم مثل رجال الأمن”.
التحولات العمرانية والتاريخية
يشير الذهلي إلى التغيرات التي شهدتها المنطقة بعد قيام الاتحاد، وكيف كانت تلك الفترة مليئة بالتحولات العمرانية والاجتماعية، مع بناء البيوت الشعبية التي استقبلت أبناء الوطن. ورغم أن تلك الأيام كانت صعبة، إلا أن الذهلي يتذكرها بحنين، مشيرًا إلى أن تلك الفترات شكلت نقطة انطلاق لتطوير وتحديث أبوظبي، التي شهدت فيما بعد نقلة نوعية في العمران والتطور.
القيم المؤسِّسة والمستقبل
وفي ختام حديثه، دعا الذهلي أبناء وطنه إلى التمسك بالقيم التي زرعها الآباء المؤسسون، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وقال: “دولة الإمارات ليست فقط دولة مزدهرة ومتطورة، بل هي دولة قامت على قيم متينة لا تقدر بثمن، من أهمها التضامن الاجتماعي، وروح الأسرة الواحدة”. وأكد أن الحفاظ على هذه القيم في رحلة بناء المستقبل هو ما سيحافظ على هوية الدولة ويعزز مكانتها.
الختام
تظل منطقة «الروضة» بالنسبة لإبراهيم الذهلي أكثر من مجرد مكان جغرافي؛ هي جزء من ذاكرة ثقافية متجددة، مرتبطة بالقيم التي زرعها الآباء المؤسسون. وفي كل رحلة يقوم بها حول العالم، يعود الذهلي إلى تلك الأيام البسيطة، التي تعكس روح الوحدة والتعاون بين الناس، وهي قيم يستمر في نشرها وتوثيقها من خلال أعماله وكتاباته.