مختصون يحذّرون من تأثير «الميمز» في العلاقات الاجتماعية
تغيب الحدود أحيانًا بين الفكاهة والاحترام على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن أن تتحول النكات البريئة إلى تنمر إلكتروني، ويعتبر ذلك تهديدًا للعلاقات الاجتماعية. ومن بين الأدوات الحديثة التي تُستخدم في هذا الإطار، تبرز «الميمز»، وهي صور أو مقاطع فيديو معدلة مرفقة بنصوص ساخرة.
تبدو «الميمز» في ظاهرها وسيلة للضحك والتسلية، لكن استخدامها بشكل غير مسؤول قد يمس بخصوصية الآخرين، ويقلل من شأنهم. إذ تعتمد هذه الأداة على تعديل الصور بطريقة فكاهية تسخر من الأشخاص، مما قد يتحول إلى وسيلة للتشهير أو الإضرار النفسي.
وحذّر مختصون من التأثيرات السلبية لـ«الميمز» على العلاقات الاجتماعية، مشيرين إلى أن نشر هذه المحتويات قد يعرض ناشريها لعواقب قانونية. وقد تدخل هذه التصرفات في خانة الجرائم الإلكترونية التي تُعاقب عليها القوانين، بما في ذلك الحبس والغرامة.
تُعتبر السخرية أحد الأسلحة القوية المستخدمة في التنمر، حيث تهدف إلى زعزعة استقرار الضحية وإذلالها، مما قد يؤدي إلى آثار ضارة على صحتها العقلية.
وذكرت المستشارة القانونية والمحامية، سارة البقيشي، أن استخدام الصور أو الفيديوهات المعدلة للسخرية من الآخرين، حتى بقصد المزاح، يُعتبر مساسًا بالكرامة. وأشارت إلى أن المادة (44) من قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية تنص على عقوبات للمستخدمين الذين يسيئون استخدام تقنية المعلومات.
كما أكد المستشار القانوني والمحامي، راشد الحفيتي، أن استخدام صور الأشخاص أو تعبيراتهم العفوية بأسلوب ساخر دون علمهم يعد إساءة شخصية. ويحرص القانون الإماراتي على حماية حق الأفراد في الخصوصية وكرامتهم، ويجرّم الممارسات التي تسبب ضررًا نفسيًا.
ولفتت المستشارة القانونية فاطمة آل علي إلى أن مشاركة أي محتوى دون إذن من صاحبه قد تؤدي إلى مشكلات تعكر صفو العلاقات العائلية والمهنية، مما يؤثر سلبًا على الحالة النفسية للضحية.
وفي سياق آخر، أشارت المستشارة التربوية، الدكتورة بدرية الظنحاني، إلى أن تعديل صورة شخص بطريقة هزلية يمكن أن يؤثر سلبًا على قيمته الذاتية وثقته بنفسه، مما يزيد من مشاعر القلق الاجتماعي.
تظهر مواقف واقعية تأثير هذه الظاهرة، حيث وثقت فتاة انفعال والدها العفوي في مقطع فيديو، واعتبرته مزحة، لكن صديقاتها حولنه إلى «ميمز» ساخر، مما تسبب في انزعاجها. وفي حالة أخرى، تعرضت امرأة للسخرية بسبب مقطع فيديو لمركبتها المعطلة، ما جعلها تشعر بالندم على مشاركته.
في الختام، يؤكد المختصون على أهمية الوعي بمخاطر استخدام «الميمز» وضرورة مراعاة مشاعر الآخرين، حيث يمكن أن تتحول الفكاهة إلى أداة للإساءة، مما يتطلب توعية مجتمعية حول الاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي.