مبعوثون أوروبيون يطالبون القيادة السورية بتطهير قوات الأمن ومحاسبة المسؤولين عن المجازر
في ظل التطورات الأخيرة في سوريا، أجرى ثلاثة مبعوثين أوروبيين زيارة إلى دمشق في 11 مارس 2025، حيث التقوا بوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني. خلال الاجتماع، شدد المبعوثون على ضرورة اتخاذ الحكومة السورية إجراءات حاسمة لمحاسبة المسؤولين عن المجازر الأخيرة التي استهدفت مئات المدنيين من طائفة العلويين، مؤكدين أن استمرار الدعم الدولي مرتبط بمدى جدية هذه الإجراءات.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، صرح بأن “الانتهاكات التي وقعت في الأيام الأخيرة غير مقبولة، ويجب تحديد المسؤولين عنها وإدانتهم”. وأضاف: “لا يوجد شيك على بياض للسلطات الجديدة”. كما أكد أحد المبعوثين الأوروبيين الذين حضروا الاجتماع أن “قوات الأمن بحاجة إلى تطهير”، مشيرًا إلى أن العقوبات يجب أن تطال مرتكبي المجازر.
تأتي هذه المطالبات في وقت يواجه فيه الرئيس السوري، أحمد الشراع، تحديات كبيرة في السيطرة على الجماعات الجهادية المتطرفة التي كانت مسؤولة عن الفظائع الأخيرة. ورغم حل الجيش الوطني بعد توليه السلطة، يعتمد الشراع الآن على مجموعات مسلحة متنوعة، بما في ذلك فصائل جهادية متشددة، مما يعقد قدرته على فرض السيطرة دون المخاطرة بإشعال صراع جديد.
بالإضافة إلى ذلك، أثار الدستور الجديد الذي قدمه الشراع مخاوف من تعزيز السلطة المركزية تحت قيادته، مع منح الشريعة الإسلامية دورًا رئيسيًا في التشريع، مما أثار انتقادات بشأن احتمال تأسيس نظام ثيوقراطي إسلامي وتقويض الإصلاحات الديمقراطية.
الدبلوماسيون الأوروبيون والعرب أكدوا أن الدعم الدولي والعربي للقيادة السورية الجديدة ليس غير محدود، ويتطلب خطوات ملموسة نحو حكم شامل يضمن حماية الأقليات ويمنع عودة الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة. كما ربطت واشنطن والدول الأوروبية رفع العقوبات المفروضة منذ عهد الأسد بالتزام السلطات الجديدة بالحكم الشامل وحماية الأقليات، وهو أمر حيوي لإحياء الاقتصاد السوري المنهار.
في هذا السياق، يواجه الشراع معضلة معقدة: الحاجة إلى قمع الفصائل الجهادية المتطرفة لضمان الاستقرار وكسب الدعم الدولي، مع تجنب اندلاع صراع داخلي جديد قد يزعزع استقرار البلاد أكثر. هذا التوازن الدقيق يتطلب استراتيجيات حذرة وسياسات شاملة تأخذ في الاعتبار التنوع الديني والعرقي في سوريا، وتضمن مشاركة جميع الفئات في العملية السياسية.
المحللون يحذرون من أن تكرار نماذج الحكم الاستبدادية السابقة أو تأسيس نظام إسلامي متشدد قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وإثارة مقاومة داخلية وتدخلات خارجية، مما قد يعيد البلاد إلى دوامة الصراع وعدم الاستقرار. لذلك، يتعين على القيادة السورية الجديدة تبني نهج شامل ومعتدل يوازن بين تحقيق الأمن والاستقرار، وضمان الحقوق والحريات لجميع المواطنين، وبناء مؤسسات حكومية فعالة وشاملة.