انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة قيام بعض مكاتب تأجير السيارات بجذب العملاء من خلال إعلانات مغرية على منصات التواصل الاجتماعي تروج لأسعار منخفضة بشكل لافت، بينما تتكشف لاحقاً معاناة العملاء من تأخير متعمد في تسوية مطالبات التأمين عند وقوع الحوادث.

تعتمد هذه المكاتب على إستراتيجية تسويقية تقوم على عرض أسعار تبدو في الظاهر تنافسية جداً، لكنها تخفي في طياتها شروطاً مجحفة وعقوداً معقدة يصعب على الكثير من العملاء فهم تفاصيلها الدقيقة. وعند وقوع أي حادث، يجد المستأجرون أنفسهم في مواجهة تعقيدات بيروقراطية وتأخير متعمد في معالجة مطالبات التأمين، مما يضعهم تحت ضغط مادي ونفسي.

من جانبهم، يشتكي العديد من المتعاملين مع هذه المكاتب من صعوبة التواصل مع المسؤولين بعد تسليم السيارة، حيث يتم تجاهل مكالماتهم ورسائلهم الإلكترونية لأيام وأحياناً أسابيع. كما يشيرون إلى أن بعض المكاتب تحاول التنصل من مسؤولياتها عبر إلقاء اللوم على العملاء وإثارة شكوك حول ظروف الحادث، مما يؤدي إلى تأخير تسوية المطالبات بشكل غير مبرر.

في المقابل، يؤكد خبراء قطاع التأمين أن نظام تأجير السيارات ينبغي أن يكون أكثر شفافية، مع ضرورة توعية العملاء بقراءة بنود العقد بعناية قبل التوقيع، وخصوصاً ما يتعلق ببنود التأمين والخصومات. كما ينصحون بالتعامل فقط مع المكاتب المرخصة والمعروفة بسمعتها الطيبة في السوق، حتى وإن كانت أسعارها أعلى قليلاً من العروض المغرية الأخرى.

من جهتها، بدأت الجهات الرقابية تلتفت إلى هذه الممارسات، حيث تعمل على مراجعة اللوائح المنظمة لقطاع تأجير السيارات لضمان حماية حقوق المستهلكين. كما تدرس إلزام المكاتب بتوضيح جميع الشروط والأحكام بشكل واضح وصريح في العقود، وخاصة تلك المتعلقة بالتأمين ومسؤوليات الأطراف في حال وقوع الحوادث.

في السياق ذاته، ينصح المحامون المتخصصون في قضايا المستهلكين العملاء بالاحتفاظ بجميع الوثائق والمستندات المتعلقة بعملية التأجير، وتصوير حالة السيارة عند الاستلام، والتأكد من وجود تقرير مفصل عن أي أضرار موجودة مسبقاً. كما يشددون على أهمية الإبلاغ الفوري عن أي حادث والحرص على الحصول على محضر من الجهات المختصة، لأن هذه الخطوات تسهل عملية المطالبة بالتعويضات لاحقاً.

ختاماً، بينما تظل خدمات تأجير السيارات خياراً عملياً للكثيرين، إلا أن هذه الظاهرة تذكر بضرورة اليقظة والحذر عند التعامل مع العروض التي تبدو جذابة بشكل مبالغ فيه، فالأسعار المنخفضة جداً قد تخفي وراءها تكاليف ومشكلات أكبر بكثير. وتؤكد الحاجة إلى تعزيز الرقابة على القطاع وزيادة التوعية بحقوق المستهلكين للحفاظ على سلامة السوق وحماية جميع الأطراف.