أساليب غير مباشرة للتلاعب بسوق الأسهم وتأثيرها على حركة التداول
في عالم الأسواق المالية، هناك من يلجأ إلى استراتيجيات دقيقة للتأثير على حركة الأسهم دون المساس المباشر بالقوائم المالية للشركات المدرجة، مستغلين أدوات السوق وآليات العرض والطلب لتحقيق أهدافهم. هذه الأساليب، رغم أنها قد تكون ضمن الإطار القانوني في بعض الحالات، إلا أنها تؤثر بشكل كبير على ثقة المستثمرين واستقرار السوق، مما يجعلها محل متابعة دقيقة من الجهات التنظيمية.
أحد أكثر الأساليب شيوعًا هو التلاعب بسلوك التداول عبر ضخ كميات كبيرة من الطلبات بشكل سريع لإيهام المستثمرين بأن هناك اهتمامًا متزايدًا على سهم معين، مما يدفعهم إلى الدخول في موجة شراء واسعة. بعد ذلك، يقوم المتلاعبون بالبيع في الوقت الذي يصل فيه السهم إلى مستويات مرتفعة، محققين أرباحًا سريعة قبل أن يعود السعر إلى مستوياته الطبيعية.
كذلك، هناك من يستخدم تقنيات “الإشاعات السوقية” للتأثير على قرارات المستثمرين، حيث يتم نشر معلومات مضللة أو توقعات مبالغ فيها حول أداء بعض الشركات، ما يؤدي إلى تغيرات غير مبررة في الأسعار. هذه المعلومات قد تكون عبارة عن تسريبات غير دقيقة حول عقود ضخمة أو اندماجات محتملة، مما يخلق حالة من الاندفاع نحو شراء الأسهم المستهدفة، ليتم تصحيح الوضع لاحقًا بعد أن يكون البعض قد استفاد من هذه الفوضى السعرية.
استراتيجية أخرى تتعلق بعمليات البيع والشراء بين كيانات تابعة لنفس المجموعة الاستثمارية، بحيث يتم تنفيذ صفقات متكررة بين الشركات أو الأفراد المرتبطين ببعضهم البعض، مما يعطي انطباعًا زائفًا عن وجود حركة نشطة على السهم، في حين أن هذه التداولات لا تمثل طلبًا حقيقيًا في السوق، بل تهدف فقط إلى جذب انتباه المستثمرين ودفعهم إلى الدخول في عمليات شراء بناءً على المؤشرات الخادعة.
كما أن صناديق التحوط وبعض المؤسسات الاستثمارية الكبيرة قد تستخدم استراتيجيات تحكم في السيولة السوقية، حيث يتم سحب كميات كبيرة من الأسهم المعروضة للبيع دفعة واحدة، مما يؤدي إلى شح السيولة وارتفاع الأسعار بشكل اصطناعي، وهو ما يمكن استخدامه لاحقًا لتحقيق مكاسب على حساب المستثمرين الأقل خبرة.
رغم أن بعض هذه الأساليب يمكن تنفيذها ضمن الأطر القانونية، إلا أن الجهات الرقابية تراقب الأسواق عن كثب، لضمان عدم تحول هذه الممارسات إلى أدوات للإضرار بالاستقرار المالي أو خلق اضطرابات غير مبررة تؤثر على حركة الأسواق. ويبقى وعي المستثمرين ومعرفتهم بكيفية قراءة تحركات السوق أمرًا بالغ الأهمية في تفادي الوقوع في فخاخ المضاربات غير العادلة.